قصة العزلة
جلست كعادتي قرب النافذة انظر إلى الخارج. لا شيء أفعله هذه الأيام لأن القلق يمنعني من العمل. هذه النافذة مدهشة فهي تطل على ساحة خضراء واسعة يحدها في طرفها الأيسر حزام من أشجار الزيزفون التي بدأت براعمها الخضراء منذ مدة بتلوينها بالأخضر الفاتح. كوفيد مرعب وقد ألزمونا بالحجر. لا أخرج إلا لشراء ما احتاجه من الأطعمة فالحجر الألماني ليس قاسياً جداً فبإمكان الناس الخروج للركض أيضاً أو للمشي كما هو حالتي. في الأمس لاحظت أنهم وضعوا شريطاً يمنع الناس من الجلوس على مقاعد الحديقة القريبة التي أتمشى فيها كل يوم، أيضاً وضعوا الشريط حول الفسحة المخصصة للأطفال في الطرف الآخر من البناء. هذه الأشرطة تصيبني بالقنوط وتعطيني انطباعاً بأن الدنيا ليست بخير. تابع القراءة
ما حصل لسامي ريشي
نشرت في كتاب “بعيدا وهنا” -نصوص من برلين” عام 2016 واعيد نشره عام 2019
كما علمه أبوه أن يفعل كل ثاني يوم، استيقظ سامي في السادسة صباحاً وذهب للاصطفاف في طابور المنتظرين أمام الفرن لشراء الخبز. عندما عاد في الساعة السابعة كان أبوه وأمه وأختاه ما زالوا نائمين. لف الخبز بثوب قديم كانت أمه ترتديه لأبيه حين يعود من العمل ثم ركنه على الدكّة الحجرية ثم دخل إلى المرحاض ووقف يبول مقنطراً بوله الغزير إلى الفتحة التي خرج منها في أحد الأيام جرذ وعاث فساداً في البيت.
حدث انفجار رهيب اهتز له البيت بكامله وانقذف سامي إلى جدار المرحاض بقوة لا ترحم في الوقت الذي اندفع فيه تيار من الهواء الساخن والأتربة وقطع الحجارة والأخشاب والزجاج والدماء ولا يعرف غير الله ماذا أيضاً من طرف النوافذ المطلة على الشارع مروراً بغرفتي النوم والصالة ثم الممر الواصل إلى المطبخ والمرحاض.
هرع المسعفون من الجيران والمارة إلى المبنى المصاب وقد لاحظوا كيف أن واجهة المبنى قد انهارت بشكل كامل وعندما دخلوا إلى بيت سامي من خلال الباب المحطم اكتشفوا أربع جثث مشوهة مدفونة في الحطام ثم اكتشفوا سامي مغمى عليه على أرض المرحاض وثيابه ملوثة بالبول والدم. تابع القراءة
اقتربت من البيت الذي طالما دخلته أو تلصصت إلى باحته من إحدى طاقات غرفتي العلوية التي تشرف عليها . كان ذلك قبل أربعين عاماً ، أي كان كل منا في الخامسة عشرة من عمره .
التفكير بنعيمة
ولما كان الوقت قد تأخر أطفأ النور واستدل بيديه الدرب إلى السرير الذي كان اشتراه من سوق الجمعة حين فكر بالزواج من جارته نعيمة ابنة الإسكافي التي فهم أنها تحب النوم على سرير افرنجي،
البيت الكبير
توقفت العربة أمام بوابة البيت الكبير. كان على السائق ان ينزل منها ليفتح البوابة ومن ثم يقودها إلى الداخل. رحت أراقبه يدفع فردتي البوابة بعزم وبكلتا يديه فقد كانت تتسع لمرور هذه العربة ذات الحصان الواحد.
في انتظار الأرملة
اقتربت الساعة من الثامنة إلا ربع فاحتللت مكاني قرب النافذة بعد ان حملت إفطاري إلى هناك وقد كان مكوناً من صحن فول ورأس بصل وبراد شاي مخمر على طريقة جدتي لأمي وقطعة حلاوة بالطحينة فقد اعتدت على تحلية ريقي صباحاً بعد صحن الفول.
آنستان وأرملة
عندما اندلعت حرب الثمانية والأربعين ركب الحماس السيد مصباح بشكل مفاجئ فانضم إلى جيش الإنقاذ وسافر وهو يعلق بندقيته على كتفه إلى فلسطين، ولكن سرعان ما جاء خبره في رسالة قصيرة من القيادة موجهة إلى زوجة البطل الشهيد فعرفت مديحة أنها ترملت وهي عروس شابة لم تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرها، فعادت إلى بيت أهلها لتنضم إلى أختيها العانستين فاطمة وسعدية.
صورة وثوب حرير وقارورة عطر
في إحدى المرات, وبينما كان أصحاب البيت غائبين, استطاع احد اللصوص الوصول الى فرندة الطابق الثاني بخفة ونشاط ثم قام بقص دائرة في زجاج الباب تتسع ليده بوساطة أداة خاصة ودخل الى الشقة. انتقل فوراً الى غرفة نوم الزوجين وراح يعبث في الخزانة والجوارير باحثاً عن المصاغ والمجوهرات, الا انه أثناء ذلك وجد الخزانة مملوءة بثياب الزوجة الحرير فوقف يتشممها ثوباً ثوباً فتملكه سحر طغى على قلبه فرَّق حاله. أمضى وقتاً طويلاً وهو يفعل ذلك, إلا انه تذكر ما جاء من أجله فترك الثياب وعاد للبحث عما خف وزنه وغلا ثمنه, فانتقل الى الخزائن الأخرى وقبل أن يفتحها وجد بروازاً فيه صورة امرأة مركوناً بجانب السرير فجلس وقرّب البطارية التي كان يستعين بها لإنارة طريقه وراح يتمعن في الصورة.
صبي الفندق
وضع صبي الفندق حقيبتي على حامل مخصص ثم ابتعد ووقف بكل ادب عند حافة الممر الصغير ينتظر مني منحة بعد ان اشعل المدفأة الكهربائية. في تلك الاثناء كنت اتفحص السرير وعندما انتهيت استدرت فوجدته يقف بشكل مثير للشفقة, فنقدته بقشيشا من عدة قطع معدنية دون ان اعدها فانحنى ثم غادر الغرفة.
العيد
عندما كنت صغيراً كنت أنظر إلى الكبار نظرة حسد، فهم يقضون أوقاتاً أطيب في المناسبات وخاصة في الأعياد، وعندما صرت كبيراً أصبحت أشتهي أن أكون صغيراً فالأعياد وجدت ليحتفل بها الصغار بطريقتهم البريئة تلك والتي بدونها لا يمكن تذوق متعة العيد.
العيد يقترب
يومياتي مع برلنت
استيقظت على صوت برلنت العالي. كانت تقف على نافذة الدرج بجانب نافذة غرفتي وهي تثرثر مع جارتها التي تسكن في البناية المقابلة. هي تتعمد التكلم بصوت عال لكي أسمعها. طلبت منها عدة مرات ان تكف عن ازعاجي، ولكنها كانت تبتسم وتتمايل وهي ترنو الي بطريقة غريبة وتعتذر. برلنت تحبني وهي الآن تتحدث مع جارتها عن نساء سوف يأتين مساء لرؤيتها. تقول ان العريس يعمل في الامارات وسوف تسافر الى هناك اذا ما حصل النصيب. انها تكذب الملعونة، فقد حدثت ام حسن عن كثير من العرسان، وفي كل مرة كنت أحمد الله انها ستتزوج أخيرا وتريحني من ثرثراتها. ام حسن لا تفهم ان برلنت تتحرش بي. حاولت العودة للنوم، فلم تكن الساعة قد بلغت العاشرة بعد ولكن دون فائدة. نهضت أخيرا بعد ان علمت من برلنت ان في الامارات خادمات آسيويات رخيصات.
رحلة العودة لكايد الفلسطيني وما جرى له من أمور
أعوذُ باللهْ ماذا يحصلُ للناسِ حتى يتغيروا بين ليلةٍ وضُحاها أو بين ساعةٍ وساعةْ ، إذْ أنَّ الرجلَ صاحبَ البيتِ كان سهرانْ عندَ كايدَ الفِلَسطيني وشَرِبَ الشايَ حتىانتفخَ رغمَ أنَّهُ كان منفوخاً وصعدَ إلى كايد وطرقَ البابَ وقالَ له يا أبو يونس أنا ضجران وأحبُّ أن ألعبَ معكَ دقَّ طاوِلة ونتحدثُ في السياسةِ ، فأدخله كايد بعد أن أخذ له الطريق فجلسا متقابلين وفتحا الطاولة فوجدا أنَّ أحد الزهرين كان ضائعاً فزحفا تحت الكراسي وطاولة التلفزيون بحثاً عنه إلا أنهما لم يجدا شيئاً ، إلا أنَّ صاحب البيت قعد غاضباً ولم يرحل ولم يتحدث في السياسة وكل ما كان يفعله هو أن يقرقر ببطنه حتى قرف كايد الفلسطيني فوق قرفه الأصلي فنصحه بشرب الشاي فقال له صاحب البيت واللهِ فكرة
قصة البطل
ما إن توقف الباص حتى التقطت حقيبتي الصغيرة بسرعة البرق وقفزت إلى داخله كأنني أخاف أن ينطلق من جديد دون أن أرحل معه. أو أنني ضقت ذرعاً بالمدينة وأهلها إلى حدٍّ أنني لم أعد أرغب بالمكوث ثوانٍ أخر. جلست في المقعد الثالث من الطرف الأيسر للباص إلى جوار النافذة. أخرجت علبة سجائري وعلبة الثقاب ووضعتهما إلى جانبي. خلعت سترتي وعلقتها إلى خطَّاف مثبت في جدار الباص لهذا السبب ثمَّ أخذت وضع من سيطول سفره، فتفرست في وجوه المسافرين الآخرين وجهاً وجهاً ثمَّ.. انطلق الباص يهدر بصوت مشؤوم ينفث روائح النفط إلى الداخل