المقالات

الناس والمدينة

(حديث عن المدينة والناس في زمن الحرب (نشرت أول مرة بالألمانية بتاريخ 29/09/2016 في جريدة زود دويتشه تسايتونغ

عندما يرن هاتفي بإصرار وبدون توقف أعرف بأن المتصلة هي ابنتي شهلة. هي تعيش مع أسرتها في حلب وقد رفضت الرحيل لأن حمويها مسنان ويحتاجان للرعاية. ألتقط الهاتف وقلبي يدق بسرعة متوقعاً أخباراً سيئة. ابنتي لطيفة جداً فهي تبادر باستمرار للسؤال عن صحتي وكأن معاناتي مع آلام الروماتيزم أهم من معاناتهم. ولكن هذه المرة لم تبادر إلى سؤالي لأنها كانت تبكي وكنت أسمع بكاء ولديها جاد ولينا. كانت المنطقة تتعرض للقصف وقد أصابت إحدى القذائف المبنى الذي نسكن فيه فتحطمت النوافذ. بدون وعي، ولكن بحس سليم، التجأت هي وولداها إلى المرحاض. وبيت الراحة هذا بمساحة لا تتعدى المتر بمتر ولكنه أأمن مكان في البيت على الإطلاق فهو داخلي ولا يطل على الشارع بل تتم تهويته بنافذة على منور لا تتعدى أبعادها الـ 40×40 سم. تابع القراءة

السرور والآلام

نشرت أول مرة بالألمانية في جريدة تاتز في 27/08/2016

الأعياد في حلب، كما في  كل المدن في هذه الدنيا، وقت مستقطع للفرح والبهجة. وقت للخروج عن المألوف الممل والحياة اليومية الرتيبة. لم أكن متمسكاً بتقاليد الأعياد قبل أن آتي للعيش في برلين هرباً من نظام قاتل ومن قنابل الحرب الأهلية. كنت أفرح لفرح الآخرين. كنت مهتماً بأن يقضي أولادي وأولادهم فترة الأعياد والتحضير لها ببهجة وكنت أسعى لكي أؤمن لهم الأسباب الضرورية لذلك. ولكن الحرب فرقتنا، أنا في برلين وإثنان من أولادي كل واحد منهما في مكان مختلف خارج سورية بينما ظلت ابنتي وأسرتها في حلب لضرورة العناية بحمويها المسنين. في العيد الماضي أمضيت وقتي متصلاً بها بالهاتف، فقد جعلتني الحرب وجعلني العيش في الشتات بعيداً عن البيت مهنئاً فحسب وربما مستقبلاً للتهاني. ولكن أي عيد هذا في ظل الانفجارات والقتل؟ أهنئهم بكلمة واحدة ثم أمضي باقي الاتصال مستفسراً عن أوضاعهم ومتسائلاً عن سلامتهم. تابع القراءة

مقالة أصول العنف في سورية

نشرت في مجلة النيوزويك في 4/3/2013

ماقصة هذا العنف الذي طفا على السطح منذ سنتين حتى الآن في سورية وقد يستمر طويلاً أيضاً؟ وهل الرئيس بشار الأسد شخص عنيف ويؤمن بالعنف؟ أم أنه نتاج تشابكات وظروف الوضع السياسي والسلطوي في سورية؟ شهدت سورية عبر تاريخها الحديث معالجة عنفية لعدد من الاشتباكات السياسية كانت بداياتها في فترة حكم حافظ الأسد الأب. واذا عدنا الى سيرة حياة الأب فإننا نلاحظ كيف أن ضابطاً في سلاح الجو السوري استطاع التسلق درجة درجة مضحياً برفاقه حتى وصل الى حكم سورية بشكل مطلق وبناء جهاز متماسك وعنيف. تابع القراءة

مرثية لمدينة حلب

نشرت في النيويورك تايمز بتاريخ 27/4/2013

في كل مرة أسمع خبراً جديداً في وسائل الإعلام عن المعارك الجارية في مدينة حلب أصاب بالذعر فأهرع إلى الهاتف وأبدأ بالاتصال لأطمئن على أحبتي هناك. أنا بعيد عن المدينة منذ أكثر من سنة والأخبار أصبحت مقلقة أكثر وبالتالي يزداد اتصالي بالهواتف. ولكن الهواتف لا تعمل عندما تريدها أن تعمل. اتصل بموبايل ابني أولاً لأطمئن عليه وعلى زوجته. لقد تزوج قبل ثمانية أشهر وأخبرني بأنهم اضطروا لرفع صوت الموسيقى ليغطوا على أصوات القصف وتبادل النيران. تزوجوا على ضوء الشموع وقد استعد لذلك بكمية كبيرة من الشموع والبطاريات لتشغيل جهاز الموسيقى. تابع القراءة

جغرافية الأسرار

تحية الى مدينة حلب نشرت في مجلة بن أطلس التي تصدر عن منظمة بن الأدبية العالمية في 17/1/2013

هنا في رود آيلاند استلقي في الفراش ليلاً لأنام ولكن النوم لم يعد يأتي بسهولة فقد أصبحت الأخبار الواردة من حلب مدمرة للأعصاب. فالحرب مستعرة هناك ومن بعيد تبدو الحرب الأهلية أكثر قسوة وأكثر تدميراً. أتقلب في الفراش وقد تعبت من مطاردة النوم وحيداً، فقد فارقتني زوجتي هدى قبل ست سنين والقلق على ابنتي وابني يتعاظم كل يوم. تحضرني توسلات ابنتي لي بأن أخرج من البلد والتجئ الى أي مكان مهما كان. منذ أن خرجت من المدينة أصبح عنف النظام أكثر شراسة ولم تسلم مدينة في سورية من آلة التدمير أما الآن فالحرب تجري في أقدم مدن التاريخ وأكثرها غموضاً. تابع القراءة

مقالة اللجوء الى مصر

نشرت في جريدة السفير البيروتية في 1/6/2012

في بداية هذا العام خرجت من سورية. أنا لم أرد أن أكون مجرد متفرج على انحدار البلد الى هوة فظيعة ومؤسفة، فإن أردتُ أن أعترض على جريمة ما فهناك من سيأتي ليرمي زجاج نوافذي بالحجارة كما حدث مرة أثناء “ربيع دمشق” حين وقعت بياناً لايناسب أهواء السلطة فوجدت زجاج نافذة سيارتي محطماً في الصباح، أو أنني سأتلقى اتصالات من التلفزيون أو الصحافة تطلب مني مديحاً “للاصلاحات” أو تبريراً للتدمير والقتل ولهذا العنف الفظيع وهذا ما أعتبره فعلاً مساوياً للخيانة. تابع القراءة

حوار نهاد سيريس مع جريدة السفير 10/8/2012

العنف والإذلال خلقا هذا المزاج الثوري الذي نعيشه اليوم
نهاد سيريس: أنا مع التغيير الحقيقي لكني أخاف من الثورات

اقرأ الحوار الكامل

الروائي السوري نهاد سيريس للجزيرة نت: الأدب وسيلة للتغيير

يشغل موضوع الاستبداد والحياة في ظل الدكتاتورية حيزا كبيرا من أعمال الكاتب السوري نهاد سيريس، ويعمل على تصوير واقع الحياة في ظل القمع وتشريح بنية الفساد في أعماله السردية والتلفزيونية كمسلسل “الخيط الأبيض” و”خان الحرير”.

وفي روايته الأخيرة “الصمت والصخب” التي نال عنها قبل أيّام جائزة كوبورغ راكيرت الألمانية، لم يغادر سيريس توجهه الإبداعي ليكتب عن صمت الكاتب وصخب السلطة الدكتاتورية.

ويرى صاحب “رياح الشمال” و”خان الحرير” و”السرطان” أن للأدب وظيفة تنويريّة وهو يدفع نحو التغيير، ولا يخفي حزنه على ما يجري في بلده عموما، وبخاصّة مدينته حلب التي كرّس لها معظم أعماله، ويرى أن الحروب لا تكتفي بقتل البشر، بل تبيد الروح الإنسانية التي تستمرّ من خلال الثقافة. اقرأ الحوار كاملا

حلقة بحث ضمت نخبة من رجال الفكر والأدب والفن في ندوة (الأنباء) بدمشق

(أخوة التراب) و (خان الحرير) في دائرة النقد

بداية.. لم تكن هذه الندوة مخصصة لعقد مقارنة نقدية بين المسلسلين السوريين (خان الحرير) و(أخوة التراب) اللذين قدمهما التلفزيون السوري ومحطات أخرى في شهر رمضان الفائت..كانت مجرد جلسة حميمة بين صحبة تسكنهم هموم الثقافة وتجمعهم اهتمامات مشتركة بأجناس الأدب والفن. هذه الصحبة قررت أن تحتفي في بيت الصديق عفيف أسعيد بأسرة (خان الحرير) ممثلة بالمخرج هيثم حقي والكاتب نهاد سيريس ومدير شركة الانتاج حميد مرعي، والنجم الفنان بسام كوسا. وربما كان من أهداف الجلسة إلقاء الضوء على هذا العمل الفني المتميز من خلال مطارحة فكرية تجلو بعض الغموض عن مقولة العمل التي قدمها الكاتب على صورة إشكالية جدلية بين العقل والعاطفة. ثمَّ تطورت الجلسة إلى ما يشبه (حلقة البحث) حين انضمَّ إلى المحتفين بأسرة (خان الحرير) عدد من الأدباء والنقاد والعاملين في حقل الفن، بحيث لم يتيسر لجلسة مماثلة حضور هذا المستوى الرفيع من رجال الفكر والأدب والفن. وعندما أمسك الشاعر السوري المعروف شوقي البغدادي بناصية الحديث كان حريصاً أن يطرح على الجلسة محاور محددة لتكون مدخلاً إلى فضاء العمل وأجوائه ومضامينه. فسجل ملاحظات أولية منقولة على لسان مشاهدين من شرائح مختلفة تابعت العمل باهتمام وشغف وأثارت أسئلة محددة تتعلق برؤية الكاتب لبعض القضايا المطروحة.

لكن جملة من الأسباب الموضوعية والذاتية تجمعت في الأجواء وهيأت الجلسة لاستحضار المسلسل الرديف (أخوة التراب) ليكون معادلاً موضوعياً في منظور الحوار النقدي الذي تواصلَ حاراً ودافقاً لثلاث ساعات .وكان بين الأسباب : أنَّ المسلسلين اختارا التاريخ مادة ليقدما فترة زمنية مهمة، مشحونة بالمكابدة ومفعمة بإرهاصات النهوض الوطني والقومي التي قادت المنطقة إلى واقعها الراهن، وطرحت السؤال المهم: أين نحن اليوم مما كنا عليه في الأمس؟ وكان من موجبات استحضار (أخوة التراب) إلى هذه الندوة أنَّ مخرجه نجدت أنزور نجح في إثارة صراع حول مفهوم (الشكلانية) في الإخراج عندما قدم أعماله (نهاية رجل شجاع) و(الجوارح) وأخيراً (أخوة التراب)، فقدم من خلالها نموذجاً للرؤية البصرية التي قد لا تحفل بالضرورة بخط السياق الدرامي من أجل أن تؤكد حضورها الخاص.

وأخيراً كان بين أهم الأسباب: أنَّ حسن م يوسف كاتب النص لمسلسل (أخوة التراب)، نجح هو الآخر في إثارة حفيظة شرائح اجتماعية لم تجد ما يمثلها في العمل الذي قال عنه أنه يتصدى لمرحلة في تاريخ المنطقة ليوقظ في النفوس أسئلة بلا إجابة ما زالت مطروحة على الأمة حتى اليوم.. وعندما حاول الرد على الذين اتهموه بعدم الأمانة في سرد أحداث التاريخ، انتابه شيء من النزق مبرراً جنوح العمل نحو الاختزال والانتقائية بقانون الدراما الذي يختلف عن قانون التاريخ واتهمهم بالفئوية!؟. هذه الأسباب كلها وغيرها شكلت الأساس لعقد مقارنة نقدية بين عملين مهمين تصديا للتاريخ وطرحا مقولات تمس وجدان الناس .(الأنباء) ممثلةً بمدير مكتبها في سورية الأستاذ عصام أباظة، كانت في هذه الجلسة شاهد عدل تنقل الحوار بأمانة وتدون الأفكار التي جرت على ألسنة المشاركين لتكون شهادة للتاريخ. وعلى هذا النحو جاء الحوار: اقرأ وقائع هذه الندوة المهمة